[b]جمال بودومة
وزراء ضحوكيين.. أولاد عبد الواحد.. والقبلة السياحية
جمال بودومة
الجمعة 22 أكتوبر
"أولاد عبد الواحد"
لا يفهم بعض أصدقائنا السياسيين لماذا تكيل لهم الجرائد نقدا لاذعا كل يوم، ويتعلم فيهم الصحافيون "التنياش"، بلا سبب أحيانا، رغم أن الجواب بسيط للغاية: السياسة في المغرب تعاني من الصلع، وأينما ضربت الأقرع يسيل دمه... حتى لو خبأ رأسه تحت "رزة" مثلما يفعل المحجوبي أحرضان أو "بيرية" كما يصنع نوبير الأموي أو باروكة مثل التي يضع بنسالم حميش، دون أن تمنع دمه من التفرق بين الصحف، كما وقع حين أغار عليه "القراصنة" وهو يحاول الوصول إلى "الكنز" قبل أسابيع. لم تصل السياسة في المغرب لإلى حضيض مثل الذي تتمرغ فيه اليوم. مستنقع وسخ من الصعب أن تنزل إليه دون أن تخرج ملطخا، لو فتشت مقرات الأحزاب بالميكروسكوب لما عثرت على فكرة صغيرة تصلح لمستقبل. السياسي الذي يحترم نفسه يستمد شرعيته من أفكاره ومشاريعه، وعندنا يستمد قوته من شجرة النسب أو من الأموال التي يرشي بها الناخبين الصغار والكبار والمتوسطين، ولكي تمسك بحقيبة وزارية، يكفي أن تفرغ حقيبة من الأوراق النقدية. كيف نحترم السياسة حين يؤتمن من ضيع مستقبل ثلاثين ألف شاب على مصير ثلاثين مليونا، كما حدث مع عباس الفاسي منذ ثلاثة أعوام؟ وحين يضع الاشتراكيون مصير "وردتهم" بين يدي إقطاعي مثل عبد الواحد الراضي، كيف يمكن أن تزيل من رؤوس الناس أن "أولاد عبد الواحد كلهم واحد"!
السبت 23 أكتوبر
"قبلة سياحية"
هناك خاصية فريدة يتمع بها أجمل بلد في العالم، لا أعرف لماذا لم تفكر وزارة السياحة في استثمارها لمضاعفة عدد من يزورون بلادنا كل عام، الخشوع أثناء الصلاة. او عرف ياسر الزناكي كيف يستغل سمعة مساجدنا العتيقة، لصار المسلمون يتسابقون على زيارة المغرب بحثا عن التقوى. بسبب انهيار بيوت الله على رؤوس العباد، أصبح من المستحيل على المصلي أن يركع دون أن يتخيل سقف المسجد وهو يهدي فوق رأسه، ما يولد لديه خوفا من الموت، ويملأ قلبه بالخشوع، والخشوع أعز ما يطلبه المؤمن أثناء الصلاة كما تعرفون. الصور موجودة: أنقاض مسجد باب برادعين ومسجد سباتة وشقوق مسجد الحي الحسني التي اكتشفها المصلون قبل يومين. وما على ياسر الزناكي سوى أن يضعها في "كاتالوغ" وعلى ملصقات إشهارية كبيرة ويعلقها في مختلف العواصم الإسلامية، بذلك يستحق المغرب عن جدارة تسمية: "القبلة" السياحية.
الاثنين 25 أكتوبر
"فاشية"
مقابل النزعة "الفاسية"، التي حولت المغرب إلى ضيعة كبيرة تتقاسم خيراتها عائلة صغيرة، هناك نزعة "فاشية" تريد العودة بنا قرونا سحيقة إلى الوراء. الظاهرة ليست حكرا على الإسلاميين الذين يصرون على الاعتصام في القرن الأول للهجرة. حين أقرأ بعض المقالات التي يوقعها نشطاء من "الحركة الأمازيغية"، لا يسعني إلا أن أفكر في المرحوم موسوليني، ولا أقصد بالضرورة أحمد الدغرني وبعض "المفروحين" الذين رفع عنهم القلم، بل أقصد أشخاصا كانوا يمثلون إلى وقت قريب صوت الحكمة والاتزان. الفاشية ليست حكرا على رجل السلطة، حتى الكتاب والصحافيون يمارسونها، ومن أعراضها مصادرة حق الآخرين في الكلام، وفرض الأفكار عن طريق التعريض والتحريض. لا أحد –مثلا- بات من حقه التساؤل عن الجدوى من كتابة الأمازيغية بحرف يزيد من تهميشها وانغلاقها، "تيفيناغ" صار من المقدسات في هذه البلاد. ومؤخرا شنت حملة شرسة ضد مشروع قانون يراوح مكانه منذ سنوات في البرلمان، يفرض كتابه أسماء المحلات التجارية بالعربية بدل الفرنسية. رغم أن الحكمة تقتضي أن تتركز المطالب على تعديل مشروع القانون ليتضمن الأمازيغية بالإضافة إلى العربية، بدل رميه في القمامة جملة وتفصيلا. مشكلة هؤلاء الناس أنهم يريدون المساواة بين أربعة وأربعين سنة من الاستعمار الفرنسي، وبين أربعة عشر قرنا من الانصهار في هوية عربية أمازيغية إفريقية إسلامية، باسم الحنين إلى "تامزغا الكبرى". ولا أعرف الفرق بينهم وبين المتطرفين الذين يريدون العودة بالسيف إلى الأندلس.
الثلاثاء 26 أكتوبر
"وزراء ضحوكيين"
كلما شاهدت جلسة للأسئلة الشفوية في البرلمان، إلا وتساءلت عن أي جريمة ارتكبناها حتى يتحدث باسمنا أشخاص مثل هؤلاء، وأتحسر لأن الله ابتلانا بسياسيين انتهازيين يصدعون رؤوسنا بالشعارات، وبمجرد ما يحصلون على كرسي يتركون المبادئ مكدسة في مقرات الحزب، ويتفرغون لمراكمة الثروات والعقارات والضيعات، وغرس أفراد العائلة في أرفع المناصب، قبل أن ينتهي موسم القطاف. بعضهم لا يكتفي بالانتقام منا بهذه الطريقة البشعة، بل يجاهز باحتقاره للمواطنين. ولا أفهم لحد الآن كيف تستمر امرأة مثل ياسمينة بادو في منصبها، رغم الفضيحة التي ارتكبتها تحت القبة حين انفجرت ضاحكة، جوابا على سؤال حول تدابير وزارتها لمساعدة سكان الرشيدية في محنتهم مع مرض الليشمانيا، الذي ينقله نوع من الذباب. لم تستطع سليلة الحسب والنسب أن "تشد الفورير" وهي تسمع أن "الحشرات" تلسعها "الحشرات"... في بلد يحترم مواطنيه، عندما تستهزئ وزيرة الصحة بمعاناة المرضى، بتلك الطريقة الوقحة، نسمع سيلا من ردود الفعل المستنكرة حتى من داخل معسكرها. أما هنا فقد ضرب الجميع الطم، كأن الضحك على المرضى تحت قبة البرلمان من طرف وزيرة الصحة حدث بلا أهمية. المضحك أننا شاهدنا زميلها في "الاستقلال" والحكومة، كريم غلاب، يخرج عينيه في برلماني سأله عن الانعكاسات السلبية ل"مدونة السير" على الفلاحين، ويقول له بلا حشمة ولا حياء إنه "لا يسمح بالضحك على موضوع جدي تحت قبة البرلمان"...
"شحال ضحوكي مع راسو هاد غلاب"!
أوال