مع قهوة الصباح
لا توجد إحصائيات دقيقة حول أعداد مسؤولي الإدارة الذين ينتمون إلى أحزاب سياسية. ولكن تقديرات تشير إلى أن أعداد الاستقلاليين في الوزارات، التي يشرف عليها وزراء من حزب عباس الفاسي، تفوق الثمانين بالمائة في قطاعات مثل الصحة والنقل والتجهيز.
من حق أي وزير أن يختار رئيس ديوانه من الحزب الذي يمثله، ومن حق المدراء والموظفين أن يكون لهم الانتماء الحزبي الذي يختارونه، لكن ليس من حق الوزراء أن يستبدلوا المدراء في المناصب المركزية والجهوية، بمن في ذلك مدراء المستشفيات ومندوبيات التجهيز وغيرها بآخرين لا يتوفرون إلا على شروط الولاء الحزبي.ففي هذه الحالة سنكون أمام ظاهرة تحزيب الإدارة وليس تفعيل أدائها.
السكوت عن هذه الظاهرة قد يدفع وزراء آخرين حين يتولون المسؤولية إلى حشو إدارتهم بالموالين لأحزابهم فقط، وبذلك ستتحول الإدارة من خدمة المواطنين، التي هي الهدف، إلى خدمة الحزب الذي يكفل الإغداق على الحزبيين.
الأكيد أن وزراء حزب الاستقلال ليسوا وحدهم من أقدم على تكريس الظاهرة الحزبية في الإدارة العمومية، فهناك كتاب عامون ينتمون إلى التقدم والاشتراكية، وهناك آخرون محسوبون على هذا الحزب أو ذاك، مع أن الأصل في الكتابة العامة لأي وزارة ألا تخضع للميول الحزبية لضمان سير الإدارة.
من أجل تلافي هذا الخلط بين ما هو حزبي وما هو شأن عمومي يتعين إبعاد الإدارة عن الولاءات الحزبية. ومن المؤشرات الإيجابية أن الدستور المعدل اهتم بإعادة الاعتبار للعمل السياسي. غير أن الإشكالية ستطرح بصورة أكثر حدة إن بقيت بعض الأحزاب تفضل الولاء السياسي على الكفاءة المهنية، وتلك هي المشكلة.
* قهوة الصباح